الموضوعية في البحث العلمي

الموضوعية في البحث العلمي

الموضوعية في البحث العلمي الموضوعية في العلوم هي القيمة التي تُظهِر كيفية ممارسة العلوم وكيفية ابتكار الحقائق العلمية. وهي الفكرة التي تنص على أن العلماء لابد أن يطمحوا إلى إقصاء التحيزات الشخصية والالتزامات المسبقة والتفاعل العاطفي وغير ذلك، في محاولتهم الكشف عن الحقائق المتعلقة بالعالم الطبيعي.

يقصد بمصطلح الموضوعية عدم التحيز لأي شخص أو رأي بشكل مبني على الذاتية والأهواء الشخصية، وعدم الانحياز للآراء الجماعية المجهزة سابقاً حتى إن كانت هذه الآراء غير منطقية أو صحيحة.

والموضوعية من الأمور الأساسية المطلوبة في العمل العلمي من مختلف المجالات، لأن التحيز واتباع الأهواء الشخصية، غالباً ما يؤثر سلبياً على نتائج البحث.

فالابتعاد عن التوجهات الايديولوجية، وعن الأحكام القيمية، أمر أساسي عند البحث والدراسة لأي مشكلة او ظاهرة اجتماعية.

تطلق الموضوعية في العلوم الاجتماعية وبالعلوم الأخرى على فصل العلم عن العملية التطبيقية، وعن فصل الدراسات العلمية بما يتعلق بتوجيهات في التطبيق العملي.

تعتبر الموضوعية حالة وسمة للشيء أو الموجود باعتباره موضوعاً، وبالتالي هي من سمات الموضوعي، ويمكن اعتبارها من الاتجاهات العقلية التي ترتبط بالنظرة الى الأشياء وفق حقيقتها الواقعية، فلا تكون النظرة إليها نظرة ضيقة أو منحازة، لأن ذلك سيعطي نتائج مشوهة وغير صحيحة.

إن الموضوعية تساعد على أن يصل العقل لمعرفة الحقائق المتميزة بوجودها الواقعي، فتكون تلك الحقيقة المستقلة عن الأهواء الذاتية، ويكون إدراكها مبني على حقيقتها الموضوعية.

وبذلك يمكننا القول أن اليقين الموضوعي يفترض أن يستند على بعض الأسباب التي تفرض نفسها على جميع العقول، فإذا استقلت القيم الأخلاقية عن سلوك ورأي الفرد، فإنها فستكون سمتها أنها قيم موضوعية.

أما الحكم الموضوعي الأخلاقي فهو يحتاج لوجود بعض المعايير والعناصر العامة المحددة، والتي تجعل ذلك الحكم عاماً يمكن أن يتجاوز نطاق الذات الفردي، ليكون مشتركاً بين الأفراد.

كيفية زيادة من مستوى الموضوعية في البحث العلمي

السيطرة على الذات

إن الباحث العلمي الحق يتَّسم بالعقلانية، ويُمكن أن يكبح زمام الخيال غير الواقعي، وكذلك تجنُّب الأحكام التي تنبع من القيم والمعتقدات دون قرائن.

الارتكان للنظريات

لكل تخصص علمي نظرياته الخاصَّة به، والتي تتضمَّن أُسُسًا سبق أن فصَّلها العلماء والخُبراء، وتم التأكد من صحَّتها، ولجوء الباحث لتلك النظريات دليل دامغ على موضوعيته.

تعريف المفاهيم

إعداد البحوث والرسائل العلمية يتطلَّب قيام الباحث بتعريف للمفاهيم أو المصطلحات العلمية، وذلك له علاقة بالموضوعية في البحث العلمي، فعلى سبيل المثال في حالة وجود رسالة أو بحث يتحدَّث عن تأثير الفقر في حدوث الجرائم، فهنا ينبغي على الباحث أن يضع التعريفات الإجرائية التي يقصدها من تلك المفاهيم، مثل: الفقر، والجريمة، وَمِنْ ثَمَّ يُهيِّئ القُرَّاء لتعقُّل إشكالية البحث.

استخدام أدوات الدِّراسة

اختيار الباحث أداة بحثية أو أكثر يُساعد على تحرِّي الموضوعية في البحث العلمي، ومن أهم هذه الأدوات:

الاستبانة

تُعرف الاستبانة على أنها استمارة تحتوي على مجموعة من الأسئلة التي ترتبط بموضوع البحث العلمي، ويعرضها الباحث على المفحوصين للإجابة عنها، وتُوجد أنواع مُختلفة من الاستبانات، ومنها الاستبانة المغلقة (المحددة)، وتتضمَّن أسئلة بحث يحدد لها الباحث إجابات مُرتَّبة، وهناك الاستبانة المفتوحة (غير المحددة)، وتتضمَّن أسئلة يُمكن أن يجيب عنها المفحوصون دون التقيُّد بخيارات للإجابة، وهناك كذلك الاستبانة المغلقة المفتوحة، والأخيرة هي الأكثر استخدامًا من النمطين الآخرين، وتحتوي على أسئلة مغلقة ومفتوحة، وذلك التنويع يُتيح للباحث الحصول على معلومات ثرية بالنسبة للأسئلة التي تتطلَّب ذلك، وكذلك معلومات مُختصرة بالنسبة للجوانب التي لا يحتاج فيها الباحث لإجابات مُطوَّلة.

الملاحظة

تُساعد الملاحظة على جمع المعلومات من عيِّنة الدِّراسة (المبحوثين) عن قُرب، وبما يُدعم الموضوعية في البحث العلمي، وتتمثَّل الملاحظة العلمية في استخدام الباحثين لحواسهم الذاتية؛ مثل: البصر، والسمع، واللمس، وتُفيد المُلاحظ في البحوث ذات الصلة بالسلوكيات والتوجهات البشرية، وكذلك البحوث ذات العلاقة بالعلوم الطبيعية، وتُوجد أنواع وتصنيفات متعددة للملاحظة، ومن أبرزها الملاحظة البسيطة، والملاحظة المنظمة.

المقابلة

تُشبه المقابلة العلمية أداة الاستبانة، ولكن تتطلَّب لقاءً مع المفحوصين وجهًا لوجه، وَمِنْ ثَمَّ يُلقي الباحث أسئلة، ويسجل الإجابات من المفحوصين، وقد تكون هذه الأسئلة مفتوحة أو مغلقة أو مختلطة، والمقابلة يلزمها تخطيط مُسبق، وتحديد الهدف منها، وكذلك اختيار التوقيت والزمان المناسبين لإجرائها؛ بالإضافة لخبرات وتدريب مكثف؛ كي يستطيع أن يحصل الباحث على المعلومات الصحيحة، والتي تُعضِّد من الموضوعية في البحث العلمية.

الاختبارات

وتصدر تلك الاختبارات من المراكز البحثية المُتخصصة؛ بهدف التَّعرُّف على توجُّهات وسلوكيات الجماهير، أو لتحديد مدى مناسبة الأشخاص في شغل وظائف مُعينة.

مقياس الاسقاطات

يناسب مقياس الإسقاطات الموضوعات التي لها صلة بعلم النفس، وهي عبارة عن تصوُّرات لما يدور بأذهان المفحوصين، ويرغب الباحث في التَّعرُّف عليها، مثل: إذا توافر لديَّ الأموال فسأشتري……، وَمِنْ ثَمَّ يعرف الباحث سلوكيات وسمات عيِّنة البحث.

اختيار المصادر التاريخية أو الوثائقية المناسبة والتأكد من مصداقيتها:

يجب على الباحثين اختيار المصادر التاريخية التي تناسب طبيعة إشكالية البحث العلمي، وفي الوقت ذاته عدم الاكتفاء بما تتضمَّنه تلك المصادر، بل يجب اتِّباع النسق المنهجي من حيث النقد الخارجي؛ بمعنى التأكد من صدق صاحب المصدر؛ من خلال معرفة وجهات نظر المعاصرين فيه، وكذلك النقد الداخلي؛ بمعنى تقويم المحتويات الداخلية للمصدر، وبعد ذلك يستنبط الباحث النتائج التي تفسر موضوع الدِّراسة، وكذلك بالنسبة للمصادر الوثائقية التي يجب أن تكون صادرة من جهات رسمية ومعتمدة.

 

الاختيار العشوائي لعيِّنة الدِّراسة:

يُعَدُّ الاختيار العشوائي للمفردات من بين المجتمع الدِّراسي للبحث إحدى الوسائل النموذجية لتحرِّي الموضوعية في البحث العلمي، ومن بين طرق الاختيار العشوائي: طريقة العيِّنة الجغرافية، وطريقة العيِّنة المنتظمة، وطريقة العيِّنة الطبقية، وطريقة العيِّنة العنقودية، وطريقة العيِّنة المنتظمة، وطريقة العيِّنة البسيطة.
ولكل طريقة من السَّابقة نظامها المنهجي الواجب على الباحث اتِّباعه، مع أهمية أن يصرح الباحث بكون العيِّنة مناسبة للحُكم على باقي أفراد المجتمع، ومن هذا المنطلق يجب على الباحث أن يقيس الانحراف المعياري، والتباين، والتوزيع الطبيعي للتَّعرُّف على مدى انسجام المشاهدات.

ابقى على تواصل معنا ... نحن بخدمتك